هنيه عدلان تكتب//….ما بين البرهان وأبي بكر الصديق رضي الله عنه: قراءة في إدارة الأزمات وإخماد الفتن

هنيه عدلان تكتب//….ما بين البرهان وأبي بكر الصديق رضي الله عنه: قراءة في إدارة الأزمات وإخماد الفتن

 

لطالما كانت القيادة الرشيدة مفتاحًا لاستقرار الأمم، فحين تشتد الأزمات، لا ينجو إلا من يحسن إدارة دفة الحكم بحكمة وحزم. عبر التاريخ، شهدت الشعوب فتنًا كادت تعصف بكياناتها، لكن رجال الدولة الحقيقيين استطاعوا وأدها بحكمة ورؤية بعيدة المدى. وفي هذا السياق، تبرز تجربتان متباعدتان زمنيًا لكنهما تتشابهان في جوهرهما: تجربة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق في مواجهة حروب الردة، وتجربة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في التعامل مع الأزمة الوطنية التي هددت وحدة البلاد واستقرارها.

المشهد السياسي في زمن الفتنة

عند وفاة النبي ﷺ، واجهت الدولة الإسلامية الناشئة خطر التفكك بسبب ارتداد بعض القبائل وامتناعها عن دفع الزكاة، مما هدد وحدة الأمة. في تلك اللحظة الحرجة، أظهر أبو بكر الصديق رضي الله عنه صلابة في الموقف، حيث رفض التفريط في أركان الدولة وقرر مواجهة المرتدين بالحزم اللازم، إدراكًا منه أن أي تهاون سيؤدي إلى انهيار الدولة الإسلامية في مهدها.

على الجانب الآخر، عندما عصفت الأزمة بالبلاد، وجد البرهان نفسه أمام تحدٍّ مشابه، حيث برزت محاولات لتفكيك الدولة وزرع الفوضى، مستغلين حالة الانقسام والتوتر السياسي. وكما فعل أبو بكر، واجه البرهان هذه المحاولات بحزم، رافضًا أن تتحول البلاد إلى ساحة للفوضى والصراعات الداخلية، فعمل على استعادة هيبة الدولة وضبط الأمن وحماية وحدة الوطن.

القيادة الرشيدة في مواجهة التحديات

تميزت قيادة أبي بكر الصديق بالحزم المقترن بالحكمة، حيث لم يكتفِ بالمواجهة العسكرية، بل سعى إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي وتعزيز وحدة المسلمين تحت راية الدولة الإسلامية. كذلك، انتهج البرهان استراتيجية مماثلة، حيث لم تقتصر جهوده على الحسم العسكري، بل عمل على ترميم العلاقات الوطنية، وإعادة بناء الثقة في المؤسسة العسكرية، وتوجيه البلاد نحو الاستقرار رغم محاولات التشويه والتضليل.

استعادة هيبة الدولة وبسط الأمن

كان أحد أهم مبادئ أبي بكر الصديق هو ترسيخ سلطة الدولة ومنع انزلاقها إلى الفوضى، فأصر على قتال المرتدين حتى يعودوا إلى الصف الإسلامي. وبالمثل، أدرك البرهان أن بقاء الدولة مرهون ببسط سيادتها ومنع تمزيقها، فحرص على تعزيز قوة الجيش الوطني باعتباره الضامن الأول لوحدة البلاد وأمنها.

البعد الأخلاقي والشرعية السياسية

استمد أبو بكر شرعيته من ثقة الأمة ومن أحقيته بالخلافة بعد النبي ﷺ، وكانت قراراته مستندة إلى المبادئ الإسلامية الراسخة. أما البرهان، فقد استمد شرعيته من مسؤوليته في حماية الدولة ومنع انهيارها، متخذًا قرارات تفرضها الضرورة الوطنية للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

إن مقارنة التجربتين تكشف أن القيادة الحقيقية تتجلى في أصعب اللحظات، وأن القائد الذي يحمل همَّ الوطن لا يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة لحمايته، حتى لو واجه حملات التشويه والتضليل. وكما حفظ أبو بكر الصديق الدولة الإسلامية من التشرذم والضياع، واجه البرهان التحديات بعزيمة، لإخماد نار الفتنة وإعادة التوازن والاستقرار للوطن، وهو ما يؤكد أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بأشكال مختلفة، ويبقى الثابت الوحيد هو أن القيادة الرشيدة هي مفتاح النجاة من الفتن والأزمات.

Exit mobile version