تحليل – حسان الضيف
الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف وفد حركة حماس المفاوض في الدوحة لم يكن مجرد محاولة اغتيال عابرة، بل يمثل تحوّلاً خطيراً في مسار المواجهة، ورسالة مزدوجة للوساطة الإقليمية والدولية على حد سواء.
فشل الاحتلال في النيل من أعضاء الوفد لم يُخفِ حقيقة الخسائر؛ إذ ارتقى عدد من القيادات والمرافقين، من بينهم جهاد لبد مدير مكتب خليل الحية، وهمام الحية نجل القيادي البارز، إضافة إلى مرافقين آخرين، فضلاً عن استشهاد بدر سعد الحميدي من الأمن الداخلي القطري. هذه الأسماء ليست عابرة، بل تحمل رمزية سياسية وأمنية واضحة، إذ يكشف الاستهداف أن إسرائيل أرادت قطع رأس قنوات التفاوض لا جسدها فقط.
الرسالة الأخرى التي يبعثها هذا العدوان هي استهداف مباشر لدور قطر كوسيط أساسي إلى جانب مصر. فإقدام الاحتلال على تنفيذ عملية في قلب الدوحة يعني تحدياً صارخاً للسيادة القطرية، وضرباً للجهود الدبلوماسية التي تسعى إلى تثبيت وقف إطلاق النار والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى. وهو ما وصفته حماس بالجريمة البشعة والانتهاك الصارخ للقوانين الدولية.
التوقيت بدوره بالغ الأهمية؛ فالاستهداف تزامن مع مناقشة وفد الحركة لمقترح أميركي، ما يضع علامات استفهام حول الدور الأميركي. بيان حماس أشار بوضوح إلى مسؤولية مشتركة تتحملها واشنطن نتيجة دعمها غير المحدود لإسرائيل، ما يعكس إدراك الحركة أن العملية ليست فقط قراراً إسرائيلياً، بل جزءاً من تداخل المصالح الأميركية – الإسرائيلية.
رغم الخسائر، تؤكد حماس أن محاولات الاغتيال “لن تغيّر من مواقفها”، وأن شروطها تبقى واضحة: وقف العدوان فوراً، انسحاب الاحتلال من غزة، تبادل أسرى حقيقي، وإطلاق مسار الإعمار والإغاثة. وهنا تكمن الرسالة الجوهرية: كلما زاد الضغط الميداني والعسكري، كلما ازدادت الحركة تمسكاً بخطها السياسي والتفاوضي.
الخلاصة أن محاولة اغتيال وفد حماس في الدوحة تحمل أبعاداً سياسية وأمنية تتجاوز حدود الاستهداف الفردي، فهي رسالة إسرائيلية بعرقلة أي تسوية، وامتحان لمدى جدية الوسطاء، وتحدٍ صارخ لسيادة قطر. لكن في المقابل، فإن فشل العملية يعزز رواية الحركة بأن الاحتلال يعيش مأزقاً سياسياً وعسكرياً، ويعكس إصرارها على الاستمرار في مسار المقاومة والتفاوض في آن واحد.