غنائية الحياة غنائية الموت.. لبيت الشعر الخرطوم في أربعينية الشاعر عبدالله شابو

 

الكوة: محمد آدم بركة

 

ضمن الوفود المشاركة في فعاليات تأبين أيقونة الشعر السوداني الحديث، الذي أسمته اللجنة المنظمة بـ(أربعينية الشاعر الراحل عبدالله شابو)، شارك بيت الشعر الخرطوم بوفد من الشعراء والإعلاميين، أمس الأول، تقدمهم الأستاذ الشاعر عالم عباس محمد نور الأمين العام الأسبق للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون، ونائبة مدير بيت الشعر الشاعرة ابتهال محمد مصطفى تريتر .

 

حيث قدم وفد البيت في أمسية الأربعينية بالنادي الأهلي بالكوة مشاركات في رثاء الفقيد و الإسهام في تقديم فقرات البرنامج من على منصة الأمسية وقد تقاسم التقديم كل من الإعلامية لمياء متوكل والشاعر الإعلامي محمد الخير إكليل فتجلى كل منهم في تقديم المشاركين وكان الراحل شابو حاضراً بابتسامته الدائمة باستحضار ذكرياته ومحطات حياته وافرة العطاء الشعري والإنساني وزهده المتفرد، هذا إلى جانب لوحة شعرية إبداعية وسمت بـ(غنائية الحياة غنائية الموت) مهداة لروح شاعرنا شابو تمثلت في أداء مقاطع شعرية لرموز وأهرامات الشعر السوداني من الأحياء والراحلين.

 

الشاعر عالم عباس في كلمته القصيرة قال: بعض الناس يعيشون لتحيا معهم الأفكار وبعض الناس يعيشون لتحيا الأفكار إن ماتو فهكذا شابو رحل لتحيا الأفكار والبسمة التي تنبع و تضيء في قلوبنا، مضيفاً: شابو كان رجلا مستقبليا يؤمن بالشباب والجيل القادم، مبيناً بقوله: التقيته في العام ١٩٦٢م وكنت في المرحلة الثانوية آنذاك قرأت له قصيدة في مجلة الخرطوم فالتقينا عام ٢٠٠٥م فقلت له “ضاعفت الأخزان الوقت” فتعانقنا فصارت صداقتنا إلى أن فارق الحياة.. قرأ عالم عباس مقاطع من نصوصه وأخرى من نصوص شابو، فمما قرأ.

لي افق يتسع لكل خيارات الآخر

ولأني أرفض أن أسجن في قفص الرأي الواحد

تتمدد أغصاني

تشرب من كل الأضواء وكل الأنداء

بي عشق جارف

أن أمشي بين الناس فريداً

أعرض أزهاري في الشمس

أسهم في كل حوارات العالم

فأنا أيضاً أعرف أشياء جميلة

أقدر أن ابدع أشياء جميلة

أن أدخل في الجدل الناشط في الأشياء

أن أدهشكم بالرأي النافذ كالضوء،

وكالماء

بالضحك الباسل في قلب المأساة

لكني أضعف أحيانا،

يقعدني اليأس العاصف

عن فهم الأشياء

 

في غنائية الخلود التي أجادت ربط تقديمها الفني الشاعرة الإعلامية ابتهال تريتر حيث تقول: واقفة على العباب أعدهم قمرا قمرا،

الناحتون على قبة السماء جمالياتهم عذوبة وغنائية وهياجا، عزفوا للحياة فتنفست قشورا وعزفوا للموت فانسكبوا عطرا يفوح قصيدا قصيدا، فيبتدر اللوحة الشاعر “الواثق يونس)” بماقاله محمد المكي إبراهيم في وداعية المجذوب فينشد:

من جمالك في الموت

يتخذ الورد زينته

والمواسم حناءها

والعصافير تترك توقيعها في رمالك

برحيلك

ﺃﻇﻠﻤﺖ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺩﻳﺲ ﺃﺿﺄﻥ

ﺑﺮﺣﻴﻠﻚ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻨﺪﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ

ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ

ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ

ﺗﻔﺘﻘﺪ ﺍﻷﺑﺠﺪﻳﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﺮﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺩﻳﻌﺘﻬﺎ ( ﻟﺆﻟﺆ ﺍﻟﺸﻌﺮ ) ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ

ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﺷﻌﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ

ﻭﺗﻌﻮﺩ إﻟﻴﻚ ﻃﻔﻮﻟﺘﻚ ﺍﻟﺬﺍﻫﺒﺔ.

وفي أجواء وعوالم اللوحة الشعرية يمضي الشاعر عمار سعد الدين بمنحوتة إدريس جماع ويمتطي أحمد جمعة خيل محيي الدين فارس، أما إسراء عبد الله فتجيء بمقطوعة من روائع عالم عباس، بينما يرتدي محمد جدو الدرديري جلباب الشاعر محمد عبدالحي (اللَّيلَةَ يَستَقبِلُني أهلي)، بضوء لا يعرف الظلام حين يخاطب الشعراء والفقراء فتخاطب جمهور الأمسية “أمنية بشير” بصوت الشاعر كجراي، فيحضر عبر لوحة غنائية الحياة والموت الشعراء: مصطفى سند، الهادي آدم، محمد مفتاح الفيتوري، عبدالله الشيخ البشير وآخرون، فيأتي مسك ختام اللوحة عبدالله وهو المعلم في مهابة السقوط برسمه خريطة لم يرسمها شاعر قبله، فردد الجمهور ومقدموا اللوحة مقطوعته الشعرية الخالدة:

سيكتب فوق الشواهد من بعدنا

بأنا عشقنا طويلاً

وأنا كتبنا بدم الشغاف

كأن لم يقل شاعر قبلنا

وأنا برغم الجفاف

ملأنا البراري العجاف

صهيلاً .. صهيلاً

وأنا مشينا إلى حتفنا

رعيلاً يباري رعيلا

وأنا وقفنا بوجه الردى

وقوفاً جميلا

سيكتب فوق الشواهد من بعدنا

بأنا كذبنا قليلا

وأنا انحنينا قليلا

لتمضي الرياح إلى حتفها

وأنا سقطنا .. سقوطا نبيلا.

 

تضمنت مشاركات الأمسية قراءات شعرية ضمت عددا من الشعراء المشاركين بينهم: عالم عباس، محمد مدني، عبدالله الزين، زكريا مصطفى، إيماض بدوي ،إلى جانب فقرات إبداعية ومداخلات متنوعة وكلمات شارك خلالها من على البعد وعبر منصة الفعالية كل من: د. عائشة موسى من الخرطوم، بكري جابر من أستراليا، محمد الوكيل من أعيان منطقة الكوة وأطفال مدارسها المتوسطة والثانوية.

يقول الشاعر زكريا مصطفى في رثاء شابو:

أمس افترقنا بالعراق هنا

واليوم أحضن طيفه الخلبْ

كان اختصارا للجمال وقد

بذر اكتمال الضوء في الغيهبْ

فأتى وكل جديبة مطر

وقضى وكل خميلة سبسبْ

وتلا رحيلا موجزا ومضى

لكنه بغيابه أطنبْ

نبتت هنا أفكاره شجرا

وسمت على الأشجار كالكوكبْ

نجتر من آلائه شهبا

لتشد قامة حلمنا الأحدبْ

يا طائرا شذت طلاقته

أعيا الفضاء بريشه المتعبْ

 

باسم أسرة الشاعر الراحل عبدالله شابو تحدث نجله عمار، ممتدحا جهد اللجنة المنظمة والذين تكبدوا المشاق بالحضور إلى منطقة الكوة للمشاركة في تخليد ذكرى والده الذي رحل قبل ٤٠ يوماً، مقدما الشكر باسم الأسرة لكل من شارك واختص بشكره بيت الشعر الخرطوم.

Exit mobile version