
☘️🌹☘️
*همس الحروف*
*رحم الله شاعر الجيش الذي خلدته كلماته في وجدان الوطن*
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
البربطنا بيهو الجيش
لا منصب ولا مرتب
لا مأكل و لا مشرب
عشق جوانا يترتب
كلمات مزلزلة ما زالت ترن في آذاننا وكأننا نسمعها الآن ، فما أشد ارتباطنا بالأخ محمد علي ، الذي تجتمع عنده القوة و اللين ، فهو شاعر الجيش الذي كان يمثل أقوى أعمدة التوجيه المعنوي بقوات الشعب المسلحة ، و كانت كلماته عبارة نسيج من الأروح الوطنية النبيلة ، تلك التي كانت تتنفسها أفئدة المقاتلين في الجبهات ، فكانت أشعاره جزءاً أصيلاً من نضال وطني قديم متجدد ، و قد كان هدفه الأول و الأخير هو رفع الروح المعنوية ، ليس للجيش فحسب ، و انما لكامل الشعب ، و توجيه الأنظار إلى ما هو أبعد من النظرة التلقائية التي تتخطى حاجز الصعوبات اليومية إلى حب الوطن الذي تتعمق جذوره في نفوس الشعب .
محمد علي هو أحد أبرز شعراء الجيش الذين لا يشق لهم غبار ، و لكن كان للقدر كلمة و موقف ، فلقد توفي إثر حادث سير أليم ، فخرج من زخم هذه الحياة بدون أن يستأذن من كل الذين عشقوا الجيش من خلال تأثير كلماته السحرية عليهم ، إذ يعتبر هذا الرجل رمز من رموز الأدب العسكري و الشجاعة و الوطنية و القوة التي لا تقهر ، إذ أضاءت بكلماته جنبات المجامع العسكرية ، التي ملأت قلوب الجنود بحب هذا الوطن والفداء في سبيله ، فكانت قصائده شبيهة بنغمات الرعد التي تحمل معها عزيمة القتال والصمود في وجه الأعداء و كل التحديات ، و لا شك أن موهبته الأدبية كانت حاضرة في جميع محافل الجيش ، و شعره محفوظ لدى معظم أفراد الشعب السوداني ، حيث جسدت كلماته روح الرجولة ، و الفحولة ، و حب القتال و الإصرار على النصر ، فكان رجلاً متيماً بحب الوطن و أهله .
لقد إستطاع الشهيد محمد علي من خلال شعره أن ينقل للناس في وصف بديع تفاصيل الحياة العسكرية بكل ما فيها من شجاعة ، و تضحية ، و أمل في الانتصار على العدو ، و قد كانت قصائده تخاطب الروح ، و تلهب الحماسة في كل من يستمع له ، و أشعاره الطنانة كانت تعلي من شأن الانتماء للوطن ، فكان يجسد في أشعاره ملاحم و بطولات الجنود في ساحات المعارك ، و يخلد ذكرهم بأجمل الألفاظ ، كما كان يسهم بقوة في تحفيز الجنود و تعزيز معنوياتهم ، فله قدرة ساحرة في إظهار قيمة كل قطرة عرق ، أو دم تبذل في الميدان .
لقد كان يمثل القوة و الصمود في كلماته ، و لكن الآجال لم تمهلنا معه قليلا ً ، فجاء خبر نعيه علينا كالصاعقة ، و بطريقة مفاجئة ومؤلمة إثر حادث سير ، لقد كانت وفاته بمثابة صدمة للأمة التي كانت تتطلع دوماً إلى سماع كلماته التي لا تخلو من الحكمة ، والإلهام ، و القوة ، و لكن كل ما ترك لنا من شعر سيظل خالداً في ذاكرة الوطن .
محمد علي كان يمثل صوتاً قوياً لمعاني الإرادة والعزيمة التي لا تنكسر ، أو تنهزم ، و سيظل ما تركه لنا من مخزون ادبي و شعري ، رصيد باق في ذاكرة الزمن نفتخر به ، و سيكون زينة لصفحات التاريخ العسكري و الثقافي للوطن .
رحم الله أخي العزيز الذي أحببته في الله و لله ، الشاعر الفذ ، الشهيد الحي محمد علي ، و أسكنه فسيح جناته ، وجعل الفردوس الأعلى منزلاً له ، و نسأل الله أن يلهم أهله و جميع من يعرف فضله الصبر الجميل و حسن العزاء في مصابهم الجلل ، و إنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .