قبل أيام قلائل، دخلت الحرب المأساوية في السودان عامها الثاني، وسط توقعات بمزيد من التصعيد، والانتهاكات الوحشية بحق المدنيين، وفي المقدمة منهم الصحفيين والإعلاميين.
تلك الحرب خلفت عشرات الآلاف من القتلي المدنيين والعسكريين والعمال الانسانيين وأحدثت خراباً هائلاً فى البنية التحتية والسكنية والإجتماعية والاقتصادية والصناعية والزراعية، وجعلت البلاد على شفا المجاعة الطاحنة.
هذه المأساة التي تحذر كل التوقعات من أنّها ستكون الأفظع من نوعها عالمياً، أجبرت مئات الصحفيين والصحفيات، على مغادرة مناطق النزاع المسلح، ثمّ الوطن، بحثاً عن الأمان، تحاصرهم اتهامات التخوين والموالاة، مهددين بالاحتجاز والاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري أو الموت، كما تواجه الصحفيات، بالذات، مخاطر أكبر بسبب العنف القائم على النوع، حيث تتعرض النساء والفتيات فى السودان، بما فى ذلك النساء الصحفيات لكافة أشكال التمييز و”العنف الجنسي”.
إن اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، يؤكد أن أعداد القتلى من الصحفيين والصحفيات، مرشحة لمزيد من الارتفاع، فضلا عن اعتقال العشرات، ونهب منازل وممتلكات الإعلاميين والصحفيين، ومطاردة الباقين، وتقييدي حرية الرأي والتعبير؛ حتى باتت مارسة المهنة ضربا من المستحيلات، وصار البحث عن مهن بديلة هو الحل من أجل استمرار الحياة.
إن اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي يعرب عن بالغ الأسف بشأن أوضاع الصحفيين والإعلاميين في السودان بسبب الحرب والصراعات التي تعصف بالبلاد.
وفي هذا السياق، يؤكد الاتحاد تضامنه الكامل مع الإعلاميين والصحفيين في السودان، ويدعو إلى وقف الانتهاكات ضدهم وضمان حرية التعبير والصحافة في البلاد.
ويشدد الاتحاد على أن الإعلام الحر يُعتبر ركنا أساسياً لبناء مجتمع ديمقراطي، آمن ومزدهر، ويجب على الحكومات العربية، والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الإعلاميين والصحفيين ودعمهم في أدائهم لمهمتهم الرفيعة بتوفير النقلة المعرفية والمعلوماتية للمجتمع.
إن الإعلاميين والصحفيين في السودان يسعون جاهدين لنقل الحقيقة والوقائع للرأي العام، ويجب أن يحظوا بالحماية والدعم لمواصلة عملهم بحرية وأمان.
وخلال عام من الحرب تعرض عدد كبير من اعلامي السودان للاعتقال والتعذيب ومحاولة الاغتيال، وقد مات غدرا عدد خمسة صحفيين بينهم صحفية كانت تمارس عملها بكل مهنية، هذا غير التهجير المتعمد ودمار منازلهم ومطاردتهم عبر الولايات الأخرى، حتي وصل الحال ببعضهم للهجرة أو الاختباء حفاظاً على سلامة أسرهم من الاستهداف.
ومن هذا المنطلق ندعو المجتمع الدولي و المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى النظر في هذه الجرائم التي تُرتكب في حق الإعلاميين والصحفيين في السودان وتجريم المتهمين ومعاقبتهم فوراً بالقوانين الدولية في حق الإعلاميين والصحفيين.
إن الإعلام يلعب دوراً حيوياً في توعية الناس وكشف الفساد والظلم وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح.
كما يساهم الإعلام في تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة التمييز والعنف.
إن حرية الصحافة تعكس قدرة المجتمع على التقدم والتطور، وتعتبر عاملاً أساسياً في بناء مجتمع مدني يحترم القانون والمؤسسات. يجب على الحكومات والمنظمات الدولية العمل بجدية لحماية الصحفيين وضمان حريتهم وسلامتهم أثناء أداء عملهم، من أجل ضمان تواصل تدفق المعلومات والأفكار بحرية وشفافية لصالح المجتمع.