بمبادرات واتفاقيات هشّة.. حمدوك يزيد الخلافات بين قوى “تقدم”

بمبادرات واتفاقيات هشّة.. حمدوك يزيد الخلافات بين قوى “تقدم”

تزامناً مع اشتداد وتيرة المعارك وازدياد حدة العمليات العسكرية في عدّة مناطق سودانية، تشهد البلاد حركة نشطة من المبادرات والمساعي السياسية من أطراف دولية وإقليمية وقوى حزبية سودانية للوصول لاتفاق ينهي الصراع ويوقف الحرب المدمرة التي أدت لمقتل الآلاف وتشريد وتجويع أكثر من 8 مليون مواطن سوداني حسب احصائيات الأمم المتحدة.

حمدوك يبرم اتفاقيات هشّة بصفته الشخصية وليس كممثل عن “تقدم”
في سياق متصل وقع رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية “تقدم”، رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، مع رئيس “حركة تحرير السودان”، عبد الواحد محمد نور، في العاصمة الكينية نيروبي، على إعلان سياسي لوقف الحرب وترتيبات تأسيس السلطة المدنية في السودان بالتعاون مع الجهود الدولية والإقليمية، بما في ذلك منبر جدة.
وتم الاتفاق بين «تقدم» و«حركة تحرير السودان» على تأسيس منظومة أمنية وعسكرية، وفقاً للمعايير المتوافق عليها دولياً، تفضي إلى جيش مهني قومي واحد يعمل على وفق عقيدة عسكرية جديدة ويلتزم بحماية الأمن الوطني وفق الدستور. ونص الاتفاق على تأسيس حكم مدني ديمقراطي فيدرالي في السودان، بما يضمن قيام الدولة المدنية والمشاركة العادلة لجميع السودانيين في السلطة والثروة. وشدد إعلان نيروبي على عقد مائدة مستديرة تشارك فيها كل القوى الوطنية المؤمنة بهذا الاتفاق، على الرغم من أن حمدوك لم يوقع على الإعلان بصفته ممثل لتنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم” بل بصفة شخصية.
حيث صرّح المتحدث باسم حركة تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير، إن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وقع على اعلان نيروبي بصفته الشخصية، ودون الإشارة إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” التي يرأسها، وذلك نظراً لموقف الحركة الرافض لجميع التحالفات في الساحة.
وأوضح الناير بأن الحركة أعلنت رفضها للتحالفات رداً على دعوة “تقدم” وأشارت بوضوح إلى ضرورة تجاوز كافة الاصطفافات السابقة، ومن هذا المنطلق التقت الحركة بالسيد جعفر الميرغني بصفته نائباً لرئيس الحزب الاتحادي وليس رئيساً لتتحالف الكتلة الديمقراطية، وكذلك التقت باللواء معاش فضل الله برمة ناصر كرئيس لحزب الأمة وليس ممثلاً ل”تقدم”.
وأشار الناير الى أن “مشكلتنا مع تحالف تقدم الذي لا يختلف عن التحالفات الصفوية السابقة التي يتم تكوينها من فئة قليلة ومن ثم يسعون لإلحاق الآخرين بها، وهذا بالنسبة لنا مرفوض تماماً، ويجب أن يكون الجميع شركاء أصيلين في بناء التحالفات من الألف للياء”.
وبحسب الباحث في الشأن السوداني عثمان ميرغني، فإن هذا يشير بشكل واضح إلى أن الأحزاب والحركات والقوى المكونة لـ”تقدم” ليست متوافقة بشكل كامل فيما بينها والأهم من ذلك ليست موافقة على ما يقوم به حمدوك.

مؤتمر “تقدم” في أديس أبابا.. مؤتمر تأسيسي مبني على خلافات

في سياق متصل، نقلت بعض وسائل الإعلام نية «تنسيقية تقدم» عقد مؤتمر تأسيسي للتنسيقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بهدف وضع رؤية مشتركة لتحقيق الديمقراطية في السودان. وبحسب “تقدم” سيشارك في المؤتمر 600 ممثل للحركات واللجان المدنية التي تتبع لتقدم.
كما أكد عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لتنسيقية “تقدم”، شهاب إبراهيم، أن كل الاستعدادات قد اكتملت لعقد المؤتمر المقرر في 26 مايو من الشهر الجاري. وكشف عن أن اللجنة التحضيرية انتهت من إكمال أوراق المؤتمر والترتيبات اللوجستية لانعقاده.
يأتي ذلك وسط خلافات بين الحركات والقوى المكونة لتقدم نفسها، حيث أعلنت هيئة رئاسة حزب الأمة القومي رفض الحزب المشاركة في المؤتمر التأسيسي لـ “تقدم”. كما أكد الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي المهندس عادل خلف الله أن الحزب سيمتنع عن الحضور والمشاركة في المؤتمر لأنه لا تقدم الحالية بسياسية وعقلية حمدوك لا تمثل مصالح المدنيين والقوى الديمقراطية.
إلى جانب ذلك أعلنت الكثير من الحركات والأحزاب الأخرى عدم رغبتها في التعاون مع “تقدم”.
وعلّق الخبير في الشأن السوداني محمد الحاج علي على امتناع الأحزاب عن المشاركة بمؤتمر “تقدم”، بأن حمدوك يدير “تقدم” بما يتوافق مع مصالح القوى الغربية التي تدعمه وليس مع مصالح الشعب السوداني، وهذا ما دفع عدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية السودانية لرفض المشاركة بالمؤتمر بالإضافة إلى رفضها إعلان نيروبي.

ماذا وراء اتفاق نيروبي؟
بحسب مصادر محلية سودانية، على الرغم من أن حمدوك وقع على الإعلان بصفته رئيسا للوزراء سابقاً، وليس ممثل لتنسيقية “تقدم” للقوى المدنية، فإن ليس لدى حمدوك أي شك بشأن عودته إلى منصب رئيس الوزراء، حيث يدعمه لاعبون دوليون بشكل جدي وفعّال.
وبحسب بعض الخبراء في الشأن السوداني فإن قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” يتعاون مع حمدوك لأنه يحتاج إلى حليف في القوى المدنية. ولكن توقيع حمدوك لهكذا اتفاقيات مع بعض الحركات السودانية ليس سوى خطوة أولى نحو تخلّص حمدوك من حميدتي. حيث سيتخلص حمدوك من الخصم المتمثل في الجيش والبرهان، بمساعدة قوات الدعم السريع، ثم سيقضي على حميدتي وقواته لاحقاً بمساعدة الدعم الدولي الذي سيأتيه وفقاً للخطة وبمساعدة الجماعات والحركات المسلحة المحلية، كحركة محمد نور.
حيث يتزعم نور، حركة وحيش تحرير السودان، وهي حركة سياسية عسكرية دارفورية، ظلت تحارب في منطقة غرب دارفور ضد الجيش السوداني، على مدى عقود. وبعد سقوط نظام الإسلاميين الذي ظل يقاتله، رفض المشاركة في الحكم الانتقالي، بيد أنه وللمرة الأولى التقى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في باريس ووصفه بأنه الرئيس الشرعي.

Exit mobile version