*بواح النازحين*
كنت حضورا مع بعض الاخوة النظار ممن إضطرته الظروف القاهرة للبقاء بقاهرة المعز فى ليلة تكريم السلطان سعد بحر الدين ….سلطان دار المساليت …عرفانا بمواقفه الشجاعة و الحكيمة التى ستظل كتابا مفتوحا لأهل الوطنية والمبادئ. واصحاب الحقوق….
وعندها جال خاطرى….بنموذجين فى تأريخنا الحديث. (محلى قبلى وآخر وعالمى) وبينهما بصمة وحضور السلطان سعد فى مؤتمر باريس ابريل 2024….
الاول. ما كان بين قبيلتي الكواهلة والكبابيش فى حادثة صغيرة وإختلاف طبيعي على مرعى مشترك
فإحتكما إلى المفتش الانجليزى آنذاك وهو ماك ماكميلان… والذى كان كما يقال عنه يجاهر بالعداء لناظر الكواهلة عبد الله ود جاد الله بمسوغات واهية….ليس هنا ذكرها…. فحكم لصالح نظارة الكبابيش بتبعية الأرض…..ولم يعجب الحكم ناظر الكواهلة فاستشاط غضبا (وكما قال الرواة) وكسر قلم المفتش الانجليزى فى جرأة لا يغفلها الحاضرين والشهود….وأصبح الحادث مرتبطا. بالمقولة الشهيرة *(كسار قلم ماكميك)*
والنموذج الثانى
فى ايام الحرب الباردة فى ستينيات القرن الماضى
وأثناء المداولات والقاء الخطب التقليدية للرؤساء ومندوبى الدول بالجمعية العامة للأمم المتحدة. قام وزير خارجية الفلبين. (وبايعاز من الدول الغربية) باتهام الاتحاد السوفيتى آنذاك بالتهام دول شرق اوروبا…والزامها بالتبعية للمعسكر والشرقى…. فما كان من وزير خارجية الاتحاد السوفيتى والاشهر عالميا فى ذلك الزمان. نيكيتا خروتشوف إلا ٱن خلع حذائه وضرب به منصة الاجتماعات… فكان ردا قاسيا ومهينا لن تنساه الأمم المتحدة ..والعالم بأسره إلى يومنا هذا …
أعود فأقول إن ناظر الكواهلة انتصر لكبريائه وعزة نفسه وقبيلته ضد المفتش الانجليزى الذى ناصبه العداء ولم ينتصر (قانونا) لقبيلته …. لأن الحكم كان قد صدر لصالح قبيلة الكبابيش….
لكن السودانيين جميعا تناسوا اصل المشكلة وصدور الحكم… وباتوا ولا يزالون يتذكرون المقولة الشهيرة *(كسار قلم ماكميك)* واصبح المثل حداءا وسيرة شيقة للركبان والرواحل…فى بادية كردفان. وما حولها..
أما خروتشوف فقد انتصر لأيدلوجيته ولحزبه الشيوعى ولم ينتصر لبلده وقومياتها المتعددة و المتباعدة فيما بينها فكرا وثقافة وحدودا….
وتمر السنوات وينتهى حلم الاتحاد السوفيتي إلى غير رجعة فى تسعينات القرن الماضى…ولكن لم ينسى العالم وإلى الآن *(حذاء خروتشوف)* الذى أهان به العالم آنذاك….
أعود فأقول بان ما بين حادثتى كسر القلم وحذاء المنصة كان هناك نموذجا واعيا متحضرا …. رجلا واثقا ومعتدا بنفسه مهابا بوطنه ووطنيته وعزة أهله …..فأنبرى أمام. المؤتمرين وعبر اعلامهم الداخلى بأن مؤتمر باريس لا يمثله ولا يشبهه… وأن وجوده بدعوة منهم ظاهرها مناقشة الحالة الإنسانية للنازحين
وباطنها ما أحس به السلطان من تمرير أجندة لا تشبه الوطن كما كان فى اتفاقية ابوجا التى لها ما بعدها .من ظلم وتقزيم …
فرفض السلطان سعد مواصلة الجلسة وخرج مرفوع الرأس رافضا كل اغراءت منسقى المؤتمر ….فألجمهم الفعل القوى ففلت زمامهم و إنفض سامرهم…..ملامة…وندامة ….ولسان حالهم يقول ألهذا دعى السلطان !!!!
نعم دعى السلطان الى قول الحق وصدق اللسان …. فصب عليهم ماءا باردا وهو يتذكر الشهداء والجرحى فى الجنينة ونيالا وزالنجى والفاشر. وكردفان الكبرى والخرطوم وولاية الجزيرة …فكان الحس الوطني حاضرا فانتصرت المبادئ والقيم الوطنية وانتصر هو لسودانه الكبير …وليس لقبيلته ….وانتهى المؤتمر ماسخا بلا توصيات أو بيان ختامى….
وهنا الفرق الذى تحدثت عنه سابقا بين النماذج الثلاث……فكان موقف السلطان شامة فى وجه الوطن….وصفعة لما دون ذلك …
سينسى الناس بعد حين مؤتمر باريس ابريل 2024. ولكن لن ينسوا ابدا موقف السلطان سعد ومغادرته لباريس شامخا مرفوع الرأس منتصرا لبلده و لدم ابنائها من الشهداء والمصابين…وقبل كل ذلك حبه لوطنه …وحفظا لترابه ووحدة أراضيه…
فلنهنأ جميعا برجل المواقف الثابتة السلطان سعد بحر الدين سلطان دار المساليت والذى وقف صادحا ومحقا بإعلاء قيم واخلاق السودانيين جميعا …..أما ما دار بعد ذلك فى المؤتمر. فتحدث عنه الكثيرون فلا ازيد أو أكرر.
عاش الوطن عصيا على كل متآمر…وسيلقى كل قاتل جزاء ما ارتكب من جرم وفاحشه
وعاشت الوطنية رمزا شريفا ووسما جميلا تزين هاماتنا
جميعا …ولا استثنى….
أتمناكم دائما إخوتى فى الإدارة الاهلية رمزا للم الشمل….حكمة وحنكة ….ورزانة….فحافظوا على وحدتكم وعراقة وقوة قواعدكم. التى تنتظر منكم الكثير فى عهود ما بعد الحرب باذن الله….
وعشتم سالمين…..
*محمد ابراهيم حمد العندى*
القاهرة 18 مايو2024