سواكن مدينة الحجاج: الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل

د. عبد العزيز الصادق .. يكتب✏️

سواكن وبورتسودان  اسمان ترددا كثيراً في وسائل الإعلام، ودار حولهما الكثير من النقاش، وشكّلا مدخلاً لعلاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية بين السودان وعدد من الدول. وقد كانت هاتان المنطقتان محور اهتمام دولي، لا سيما من تركيا، التي ارتبطت بعلاقات متميزة مع السودان منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. وقد رأت تركيا ضرورة إحياء علاقتها بالسودان من خلال تعزيز السياحة، باعتبارها قطاعاً واعداً يمكن أن يُحقق إضافة اقتصادية مهمة لكلا البلدين، خاصة عبر جزيرة سواكن، التي يمكن أن تصبح محطة للسفن العابرة، ومركزاً لصيانة الأعطال التي قد تواجهها السفن أثناء رحلاتها.

يتطلع السودانيون إلى تحقيق عائد سريع من خلال هذه الشراكات الاستراتيجية، التي تشمل ترميم الآثار العثمانية القديمة في سواكن وبدء خطوات عملية لتجديد ميناء عثمان دقنة، ويعتبر  بوابة السودان للعالم بثوبه الجديد. يأمل السودان في تحريك اقتصاده عبر الاستثمار في موانئه الساحلية، التي أصبحت محل اهتمام عالمي، لا سيما في مجال الملاحة البحرية.

لسواكن تاريخ طويل يمتد عبر العصور، إذ تعد واحدة من أقدم المدن التاريخية والتجارية في السودان، وبوابته العالمية من حيث التجارة والعمارة. وتحتضن المدينة العديد من المعالم التراثية مثل المسجد الشافعي والمسجد الحنفي، مما يجعلها رمزاً ثقافياً وتراثياً للشعب السوداني الاصيل.

سواكن ستكون محطة مهمة لبعثة للحج والعمرة ، مما يشير إلى عزم القيادة إعادة أمجاد الجزيرة كوجهة محورية للحجاج. فمنذ القدم، كانت سواكن نافذة عبور للحجاج الأفارقة، الذين اعتادوا الوصول إليها سيراً على الأقدام أو عبر قوارب خشبية، قبل أن تتطور وسائل النقل إلى بواخر حديثة.

وقد ساهمت سواكن في استقرار العديد من الحجاج الأفارقة، خاصة من غرب إفريقيا، الذين اختاروا البقاء في السودان بعد أداء مناسك الحج، ليصبحوا جزءاً من نسيج المجتمع السوداني.

ويشير بعض المؤرخين إلى أن سواكن، التي أطلق عليها الجغرافي كلوديوس بطليموس اسم “رأس الرجاء الصالح”، كانت مركزاً تجارياً مهماً يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي. ووفقاً للأساطير، يعود تاريخها إلى عهد الملك سليمان عليه السلام والملكة بلقيس.

شهدت سواكن في الآونة الأخيرة تحولاً نحو مدينة حديثة وميناء رئيسي للتجارة والحج، مع تطور خدماتها من فندقة وإيواء وطرق واتصالات وكهرباء، مما وفر للحجاج والمعتمرين راحة لم تكن متاحة في الماضي. كما تم تحسين خدمات ميناء الحج بسواكن لتسهيل إجراءات السفر واستيعاب الحجاج والمعتمرين والمسافرين.

وتعمل الجهات ذات الصلة، مثل المجلس الأعلى للحج والعمرة وولاية البحر الأحمر، على إنشاء مرافق جديدة تستوعب العدد المتزايد من ضيوف الرحمن، مما يجعل من سواكن نافذة عالمية للحج والتجارة. وتشمل الخطط تشييد مدينة متكاملة للحجاج والمعتمرين، إضافة إلى مشاريع أخرى مثل فندق ميقات والمجمع الإسلامي في ميناء عثمان دقنة.

ستبقى التلبية خالدة، وستظل أصوات المآذن تعلو في أرض السودان، ملبية نداء الحج، ومبشرة بمستقبل مشرق يعيد إلى سواكن مجدها القديم برؤية جديدة تسعى لتحقيق طموحات الحاضر وآفاق المستقبل.

 

 

Exit mobile version