وزير الداخلية السوداني: خليل باشا سايرين – بين السلوك القيادي وذكاء التأثير بقلم : وضاح المحيا – خبير تحليل السلوك

من خلال ظهوره الإعلامي الأخير، يُمكن استنتاج أن وزير الداخلية السوداني، الفريق شرطة خليل باشا سايرين، يتمتع بنمط سلوكي يعكس ما يُعرف في علم النفس القيادي بـ”القيادة التوكيدية الهادئة” (Assertive-Calm Leadership). هذا النمط يجمع بين الحزم المعبر عنه من خلال نبرات صوت مستقرة وتعبيرات وجه متزنة، وبين القدرة على التوجيه دون إثارة الجدل أو القلق في المتلقين.

لغة الجسد التي يتبناها الوزير سايرين تتسم بدرجة عالية من الثقة، حيث تتضح عبر استقامة الجذع، تقاطع اليدين في مواضع محددة، وتواصل بصري مباشر دون تحدٍ. هذه الإشارات تُترجم في علم السلوك إلى ما يُعرف بـ”الاتساق الحسي الحركي مع السلطة”، أي أن الجسد يُعبّر عن قيادة متزنة وغير مترددة.

أما على مستوى الخطاب، فيظهر استخدامه لمفردات تتسم بالتكرار المنظم، وهي تقنية تُستخدم لا شعوريًا لتثبيت الرسائل الأساسية في ذهن الجمهور، مما يدل على ذكاء إعلامي تراكمي. هذا النمط يُشير إلى ما يُعرف بـ”الضبط الداخلي للرسائل” – وهي قدرة القائد على صياغة رسائل تستبطن المعاني الأمنية والسياسية دون إفراط في المكاشفة أو المباشرة.

اللافت في شخصية الوزير أيضًا هو ما يُمكن تسميته بـ”الحضور الهادئ”، وهو سلوك نادر في القيادات الأمنية، ويشير غالبًا إلى شخصية انفعالية منخفضة التفاعل، أي أنها لا تستجيب بحدة للمثيرات، مما يُعد سمة جوهرية في القيادات التي تُعاني مؤسساتها من تحديات ما بعد الحرب.

من منظور علم النفس القيادي، فإن سلوك الوزير سايرين ينتمي إلى ما يُعرف بـ”القيادة الهادئة المؤثرة” (Quiet Influence Leadership)، وهي سمة تُميز القادة الذين لا يسعون خلف الأضواء، بل يحققون التأثير عبر الاستقرار النفسي والانضباط الذاتي.

خلاصة تحليلية: يُمكن القول إن وزير الداخلية الحالي يُمثل نموذجًا لقائد يتقاطع فيه الحس الأمني العالي مع الاستقرار النفسي، ويُظهر من خلال خطاباته المتزنة وقدرته على ترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة الأمنية أنه يُدرك أهمية “الحضور الرمزي” في لحظات الأزمة. وهو بذلك لا يُمارس القيادة من موقع الرتبة فقط، بل من موقع التأثير النفسي المتدرج على المتلقي، موظفًا الذكاء الانفعالي كأداة تواصل حيوية في بيئة معقدة أمنيًا وسياسيًا.

Exit mobile version