الطاهر ساتي يكتب “جنيف الأخرى ..(2) “

:: وصلاً لما سبق، و الحديث عن مباحثات جنيف الأخيرة، فالحوار في حد ذاته – مع أمريكا وغيرها – ليس سيئاً، ولكن السيئ هو (الحوار السيئ)، لأن الحوار السيئ لايؤدي إلا لنتائج سيئة، منها إعادة إنتاج الأزمة التي فيها يتحاورون..ودون غض النظر عن النتائج، فان حوار جنيف الأخير ليس بجيّد فحسب، بل ممتاز، لحزمة أسباب و عوامل لا ينكرها إلا مكابر ..!!

:: أولاً.. لأول مرة منذ 19 ديسبمر 2019، يحاور السودان أمريكا مباشرة، أي دون تدخل وكيل أو كفيل بينهما، أو كما كان يحدث.. نعم، منذ عهد حكومة نشطاء ثم سنوات الحرب، فأن مشيخة أبوظبي – وجهات أخرى – هي التي كانت تمثل السودان أمام أمريكا في المباحثات.. والرُباعية نموذجاً، وهناك نماذج أُخرى، ظلت خلالها مشيخة أبوظبي تُمثل حكومة السودان المدنية..!!

:: ثانياً..لأول مرة، منذ 25 أكتوبر 2021، تعترف أمريكا بالحكومة السودانية وشرعيتها وتحاورها.. وأرى حبيبنا عثمان ميرغني يبدو شامتاً لذهاب الحكومة إلى مباحثات جنيف بإعتبار أن الحكومة رفضتها، وهي شماتة ليست في مكانها، لأن من التقاهم مسعد بولس كبير مستشاري ترمب بجنيف يوم الاثنين الماضي لم يمثلوا الجيش، بل مثلوا الحكومة السودانية..!!

:: نعم، عثمان ميرغني يعلم بأن وفد الحكومة بجنيف كان برئاسة رئيس مجلس السيادة البرهان، وعضوية الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل مدير جهاز المخابرات العامة وعمر صديق وزير الدولة بالخارجية وآخرين، أي الحكومة بشقيها العسكري والمدني، السيادي و التنفيذي، بيد أن جنيف المرفوضة كانت تريده حواراً مع قائد الجيش .. !!

:: ثم يعلم عثمان ميرغني بان مباحثات جنيف المرفوضة في يوليو 2024 لم تكن مع أمريكا، بل كانت مع رباعية هندستها مشيخة أبوظبي، لتلعب دور الوسيط، وهي دولة العدو .. فالرفض هناك كان – و لايزال – لتلك المشيخة حين تلعب دور الوسيط .. أما كدولة عدو، فالحكومة والشعب والجيش يرحبون بها في كل ميادين الحوار، وبكل اللغات ..!!

:: ثالثاً..لأول مرة منذ بداية الحرب، تستمع أمريكا لتفاصيل الحرب من مصدرها الأصيل، وليس الكفيل الذي كان يجتهد في هندسة الرباعيات لتغطي عورة دعمها للمليشيا..فالوفد الحكومي سلم مستشار ترمب الملفات الموثقة و المؤكدة لدور مشيخة أبوظبي – و أخريات – في دعم الجنجويد بالسلاح والتدريب..!!

:: فالحوار لم يكن إنشائياً، بل عاد الوفد الأمريكي بملف شامل، وتفاصيل دقيقة عن المطارات والمهابط التي تنقل الأسلحة وغيرها إلى دارفور رغم أنف قرار مجلس الأمن، مع وثائق تؤكد تجنيد مشيخة أبوظبي لمرتزقة من كولمبيا و دول غرب أفريقيا لصالح مليشيا آل دقلو الإرهابية ، لترتكب جرائم الحرب و ضد الإنسانية في حق المدنيين.!!

:: رابعاً..لأول مرة منذ بداية الحرب، تستمع أمريكا للدولة السودانية – ممثلة في حكومتها وجيشها والقوات النظامية و الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية – وهي تقف موحدة ضد عدوان مشيخة أبوظبي وجنجويدها، وتعلم أن واقع الحال بالسودان ليس كما يُزيّفه عُملاء المرحلة ( نزاع طرفين، حرب جنرالين)، بل أن هذه الحرب فُرضت على السودان، شعباً وجيشاً..!!

:: ولم يكتف وفد السودان بتفاصيل العدوان، بل قدم لمستشار ترمب الحلول ، وأن الخطى نحو السلام العادل تبدأ حين تكف مشيخة أبوظبي يدها عن السودان، و أن دفاع الشعب عن بلده مشروع، و أن الإرادة الوطنية لن تقبل بإعادة مليشيا آل دقلو الإرهابية إلى حياة الناس، بحيث تكون حزباً سياسياً أو جيشاً موازياً..هكذا كانت المباحثات، أما النتائج .. نواصل ..!!

الحاكم نيوز وجهة جديدة في عالم الصحافة الرقمية المتطورة... سرعة اكتر مصداقية اكتر دقة وانتشار للخبر والإعلان ..™

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى