☘️🌹☘️
*
*من سلسلة أعلام ورموز الولاية الشمالية*
لا أميل كثيراً إلى الكتابة عن الأفراد ، فالمؤسسات أكبر من الأشخاص ، ولكن هنالك من يفرضون على أصحاب القلم والقرطاس أن يٌكتب عنهم ، وعن سيرتهم ، فاسحين المجال للحديث عن مسيرتهم لتُروى عنهم الإنجازات بلغة الفخر ، وهذا ليس من باب الشهرة أو الدعاية أوالترويج ، ولكن لأنهم وضعوا أثراً حاضراً لا يغيب ، وبات إنجازهم ظاهراً لا يخفى ، ودورهم متعاظماً في نجاح مؤسساتهم … بصورة لا يمكن لأحد إنكار بصمتهم ، فأولئك لا يُبحث عن عطائهم ، لأن العطاء بنفسه يتحدث عنهم .
لا شك أن الأزمة السودانية كانت أفضل غربال ، فأظهرت المعادن الحقيقية للرجال ، وفي خضم عملية الغربلة التي أحدثتها الأزمة ، سقط الزائف ، وبقي النفيس الذي لا يخفى بريقه ، وكان منهم مولانا خالد ميرغني محمد فضل ، قاضي المحكمة العليا ورئيس الجهاز القضائي بالولاية الشمالية ، والذي بعتبر من الذين إذا أُوكل إليهم أمراً ، رفعوه إلى أعلى المقامات ، بالفعل والعمل الجاد المتواصل .
وعلى الرغم من حداثة توليه منصب رئاسة الجهاز القضائي بالولاية ، إلا أن بصماته الإصلاحية والإدارية تجلت بوضوح ، ولامس أثرها القاصي قبل الداني ، خمسة وتسعون يوم عمل فقط كانت كفيلة بإحداث نقلة نوعية في بيئة العدالة بالولاية الشمالية ، وتجسيدها على أرض الواقع ، والارتقاء بالخدمات القضائية والإنسانية ، فكان جرد حسابه مُشرف لما أنجزه في هذه الفترة القصيرة جداً ، لقد أثبت بالفعل لا بالقول أنه قائد فذ ، يحمل رؤية ثاقبة ، ولذلك كان إنجازه بلغة الأرقام .
رجل لا تستهويه المظاهر ، ولكن تشغله المضامين ، ولا يركن إلى الروتين ، فنجده يدفع دائماً بعجلة التطوير إلى الأمام ، وقد جاء إلى هذا الموقع ولم يكتفي بإدارة الأمور التي تعني تسيير دولاب العمل ، ولكنه قرر النهوض بالمؤسسة ، فأعاد ترتيب الأولويات ، متخذاً من الانضباط والكفاءة منهجاً ، ومن خدمة الناس مقياساً للنجاح .
فمن أولى خطواته العملية ، كانت تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في جميع محاكم الولاية ودور السادة القضاة في خطوة ذكية منه لمواجهة التحديات المتكررة في إمدادات الكهرباء ، وضمان استمرارية العمل القضائي دون إنقطاع .
وفي واحدة من أبرز المبادرات غير المسبوقة على مستوى السودان ، وجه مولانا خالد بتزويد سيارة الإسعاف التابعة لجمعية محاسبي الجهاز القضائي بالولاية بتركيب جهاز عناية مكثفة متكامل ، في سابقة تُعد الأولى من نوعها بالبلاد .
وهذه الخطوة النوعية لا تخدم فقط منتسبي السلطة القضائية ، حيث تُعد رافداً مهماً لقطاع الصحة والخدمات الطبية بالولاية الشمالية ، لأن ذلك يوفر الاستجابة السريعة والفعالة للحالات الحرجة ، ويجسد نموذجاً راقياً للتكامل بين العدالة وقيم الإنسانية .
وكما شملت اهتماماته الصحية تطوير العمل بالوحدة العلاجية ، وتهيئة بيئة إستشفائية راقية تليق بالعاملين في السلطة القضائية .
وفي جانب الخدمات ، تم توفير عدد (2) عربة جديدة لترحيل المنتظرين والمحكومين بالتنسيق مع إدارة المحاكم ، ويأتى ذلك في إطار احترام كرامة الإنسان حتى وهو في موضع المساءلة القانونية .
ولم تغب عنه الجوانب البيئية والمعيشية ، إذ تمت صيانة منازل السادة القضاة بدنقلا وما زال العمل قائماً ، يسير على حسب الأولويات ، شاملاً في إستراحات ودور القضاة في مختلف مدن الولاية ، إلى جانب إنشاء صالة خدمات الجمهور للتوثيقات وإبرام العقود بدنقلا ، وهي الآن جاهزة للافتتاح .
وفي خطوة أخرى ، قام مولانا خالد بدعم مزرعة قطاع القضاة بشراء أبقار ذات سلالات جيدة لتوفير الألبان ، وكما وفر سلال غذائية للقضاة والعاملين الوافدين ، تأكيداً على أهمية الأمن الغذائي والراحة النفسية لهم .
وكذلك بادر إلى دعم قوافل العودة الطوعية للعاملين بمحاكم الخرطوم والجزيرة ، وإستقبل أيضاً العائدين من جمهورية مصر العربية من القضاة والعاملين ، وسعى في تسهيل دخولهم عبر المعابر بالتنسيق مع الجهات المختصة .
وقد شمل دعمه السخي كذلك سجن دنقلا ، من خلال المساهمة في تركيب الطاقة الشمسية ، ومراوح للعنابر ، وصيانة نظام الصرف الصحي ، مما حسن ظروف الاحتجاز بشكل ملحوظ .
كما حرص على دعم العاملين في الأعياد والمناسبات الدينية ، ودعم بعض خلاوي تحفيظ القرآن الكريم ودور العبادة بدنقلا ، إيماناً منه بأن العدالة لا تنفصل عن البعد القيمي والديني في حياة المجتمعات .
إن المتأمل في مجمل هذه الإنجازات ، والتي لا نستطيع حصرها ، يدرك نماماً أن مولانا خالد ميرغني محمد فضل لا نستطيع حصر تعريفه كمسؤول قضائي يؤدي مهامه الوظيفية ، إذ يعتبر من أعظم القادة الوطنيين على المستوى الإداري والمجتمعي ، ومن الذين يحملون همّ العدالة في قلبوهم .
رجل بهذه الروح ، وبهذه العقلية التنظيمية والإنسانية ، هو بالفعل ممن تتزين بهم المناصب ، وما تم سرده من إنجازات ليست إلا غيضاً من فيض ، وما خفي أعظم ، فهو نموذج للقاضي الذي يحفظ كفتي الميزان عدلاً وإنصافاً ، وإنجازاً وعطاءً ، حفظه الله تعالى ورعاه ، وأعانه ، وسدد خطاه ، وأن يكثر من أمثاله .
*والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل