وجع الكلمة وصدق التهميش بقلم/ …ماجدة عبدالله يوسف

في الوقت الذي تتحدث فيه الدولة عن العدالة والحقوق وتكافؤ الفرص، لا تزال الهيئات الولائية للإذاعة والتلفزيون تعيش خارج هذا الإطار، أسيرة لواقع مبهم، وتبعية غير محسومة، وقرارات معلقة ما بين التوجيهات والتنفيذ.
القرار (119)* الذي طال انتظاره، والذي يفترض أن ينصف العاملين ويعيد لهم بعضًا من حقوقهم، ما يزال حبيس الأدراج، بين مماطلة مقلقة وصمتٍ مريب. ورغم أن العاملين في هذه الهيئات يؤدون دورهم بمهنية في أصعب الظروف، فهم لا يتمتعون بما يتمتع به أقرانهم في بقية أجهزة الدولة من استحقاقات ومخصصات الخدمة المدنية.
ضبابية التبعية أصبحت حجة جاهزة لتبرير التجاهل المستمر، فلا الجهة المركزية تتبناهم، ولا الولاية تنصفهم، ليظلوا في منطقة رمادية لا اجراء إداري واضح.
إنه *وجع الكلمة* حين يكون صوت الإعلامي أقوى من واقعه، يصدح في الأثير بقضايا الوطن، بينما تهميشه يتحدث عنه بصوت أكثر قسوة.
ألا يستحق هؤلاء العاملون إنصافًا حقيقيًا؟
ألا يستحقون أن يُرفع عنهم هذا الغبن التاريخي؟
كفى مماطلة، وكفى تجاهلًا… *الهيئات الولائية تستحق جهة واضحة تتبع لها، ويستحق العاملون فيها أن يُعاملوا كمواطنين لا
في وطن يئن تحت وطأة الأزمات والحروب،ففي ذلك الوقت ظل الإعلام الوطني — وخاصة الولائي — هو الصوت الذي لم ينكسر، والحضور الذي لم يغِب، رغم قلة الإمكانيات وتجاهل الجهات المعنية. إلا أن هذا الصوت الوفي ما زال يواجه تهميشًا ممنهجًا، واستهانة صريحة بحقه في الاعتراف، والمكانة، والإنصاف.
الهيئات الولائية للإذاعة والتلفزيون* تعيش واقعًا مؤلمًا أقرب إلى الإقصاء المؤسسي، إذ لا جهة رسمية تعترف بها بصورة كاملة، ولا مخصصات واضحة، فلا بديل نقدي، ولا منحة عيدين، ولا فرق علاوة، ولا هيكلة إدارية واضحة.
القرار* 119*، الذي كان أملًا في تحسين أوضاعهم، بات مثل غيره من القرارات التي لم تجد طريقها للتنفيذ، وظلّ حبرًا على ورق. الوعود تتكرر، واللجان “تمشي وتجي”، والحقوق لا تُرى، والتبريرات جاهزة: “ضبابية التبعية”، وكأن العاملين هم من اختاروا هذه الضبابية أو يرغبون في بقائهم
بين مطرقة الوعود وسندان التهميش، مازال
يقف الإعلامي الولائي صامدًا، حاملاً الكاميرا والمايكرفون، موثقًا يوميات الناس، ناقلًا نبض الشارع، صادحًا بالحقيقة، وهو لا يملك ما يكفي حتى لاحتياجاته الأساسية. لا بدلات ولا حوافز تشجّع أو تحفظ الكرامة.
هذا ليس فقط تهميشًا، بل تشويه لمعنى العدالة الوظيفية، وإجحاف في حق من حملوا على عاتقهم رسالة وطنية ثقيلة دون أن يطلبوا امتيازات، بل فقط أن يُعامَلوا كما ينبغي لموظف في دولة تحترم أبناءها.
الآن، وأكثر من أي وقت مضى، باتت الحاجة ملحّة لإعادة النظر في وضعية هذه الهيئات*:
– بتطبيق القرار (119) دون تأخير، -و بتحديد تبعية واضحة ومباشرة لجهة مسؤولة، – وبمنح العاملين حقوقهم كاملة كجزء من المكون الرسمي للإعلام السوداني. الإعلاميون ليسوا عمالة موسمية، ولا أصوات مؤقتة، إنهم من حرسوا ذاكرة الوطن حين سكت الجميع، ومن بقوا في مواقعهم رغم القصف، والنزوح، والجوع، ليقولوا للعالم: هنا شعب يستحق الحياة.فهل بعد كل هذا، نحتاج أن نذكّر بأنهم يستحقون العدل؟

الحاكم نيوز وجهة جديدة في عالم الصحافة الرقمية المتطورة... سرعة اكتر مصداقية اكتر دقة وانتشار للخبر والإعلان ..™

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى