العروة الوثقى د.أحمد التجاني يكتب :الشهيد المك عجيب الهادي سيرة ناصعة ومسيرة حافلة بالعطاء..

⭕ فجعت البلاد بمصاب أليم وخطب جلل عظيم بوفاة القامة الوطنية المك عجيب الهادي علي ناصر مك (الجموعية) ورئيس الإدارة الأهلية بولاية الخرطوم.

المك عجيب فريد دهره وزمانه وهو بمثابة (امة) وبكل المعاير تجد رجل من طراز فريد بمواقفه الوطنية وشخصيته اللامعة في كافة المجالات والأصعدة قضي عمره في خدمة المجتمع وله سفر لا تعد شمائله ولا تحصي في خدمة العباد والبلاد..

لقد كان المك عجيب قائدا من قيادات العمل الإجتماعي وعلما من أعلام الإدارة الأهلية إنتقل إلى رحمة مولاه بعد مسيرة حافلة بالخير والعطاء خدم الشعب السوداني في كافة المجالات السياسية والإجتماعية والدينية.

لقد كان المك عجيب رجلا مثابرا ومجتهدا رحيما كريما صاحب صلاة قوية مع كافة قبائل السودان ،وفي اليوم الواحد تجده عند الصباح في أقصي شمال ام درمان حيث سيدي الشيخ احمد الطيب البشير(امرحي) وما جاورها حتي قري نهر النيل وفي المساء تجده في اقصي جنوب السلمانية وما جاورها حتي قري النيل الابيض وفي اليوم التالي تجده في أقصي ام ضوا والعسيلات وما جاورها حتي قري شرق الجزيرة وفي اليوم التالي تجده في أقصي غرب فتاشة وماجاورها حتي حدود شمال كردفان يصول ويجول هذه المسافات الطويلة في الأفراح والاتراح مواسيا معزيا مشاركا في المناسبات الإجتماعية كلها.

وشكل هذا الانفتاح المجتمعي أهم رافد لتوسعة شعبيته

ثم جاءت مواقفه الوطنية الباسلة التي توجها بدق ناقوس الخطر..

محذرا من نفوذ الدعم السريع المتزايدة مطالبا قياداتها بالانسحاب الفوري من اراضي الجموعية التي احتلتها وأقامت عليها معسكرات لقواتهم التي كانت (تتعبط بالسودان شرا)..

تصريحات المك عجيب في ذالك الحين كانت بمثابة تسونامي التي اذابت إمبراطورية الدعم السريع .

*وحطمت قداستها وهيبتها في القلوب تصريحات المك عجيب النارية اذبت إمبراطورية الجليد ورسمت حدودا فاصلة بيت مبادي الدين الإسلامي وكرامة تراب السودان وبين المداهنة والارتزاق مع مليشا الدعم السريع التي لا تعرف دينا ولا عرفا ولا عهدا ولا ذمة ..

أشهر المك عجيب مواقفه الوطنية امام الرأي العام وتناقلته الصحف وأجهزة التلفاز ومواقع التواصل الإجتماعي وشهد عليه العالم بكلامه الواضح دون نفاق او تزلف او خوف ووجل..

وسار في طريقه الذي رضيه لعزة السودان وكرامة شعبه لوحده.. ولم يمضي معه إلا قليل من رفاقه لان مليشيات الجاهلية كانت لها سطوة تستاصل الألسن من جذورها لتكميم الأفواه خوفا ورهبا من التعرية واملا في بقاء مجدهم الزائف التي محاها الله وزحزح الجيش السوداني الباسل كيدهم

لتبقي منافع بلادنا تنمو وترتقي لانهم كانوا بمثابة السوس الذي نخر في الاقتصاد وامتص دم الشعب السوداني حتي الهلاك ولم يكتفوا بهذا بل جاءوا بكل حقد دفين لطمس هويته وقتل شبابه واغتصاب حرائر نسائيه وتدمير مصانع انتاجه واحتلال بيوته افراده وتهجير أهل الخرطوم والجنينة وكتم وزالنجي من ديادرهم..

جرائم لم يأتي بمثلهم أحد في القرون وفي الامم..

تحمل المك عجيب الهادي بكل شجاعة وبسالة التهديد والوعيد والضغوطات النفسية حتي اعياه المرض وينقل الي القاهرة لتلقي العلاج ويستجيب ويتعافي رويدارويدا وهو يمارس رياضة الحركة والسير بالأقدام فيقع عليه الحادث الأليم فيدخل العناية المركزة فتصعد روححه الطاهرة الي بارئها بعد أيام عصيبة في ليلة الجمعة الثالث من شهر محرم 1445ه ويصلي عليه عشرات الالوف عقب صلاة الجمعة بمسجد الامام الحسين

*حيث ظلت جثمانه

مسجا بجوار الحجرة الطبية لمقام سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم تسير موكبه الكبير المهيب الذي لم تشهد القاهرة مثله لتشجيع جثمانه الي مقابر (بلبيس) فيراري عليه الثري

رحل المك عجيب الهادي الي دار الكرامة والافضال تاركا بصمة مضيئة وقد دخل التاريخ من أوسع ابوابه ومتي ما كتب المؤرخون عن معركة الكرامة التي خاضتها القوات المسلحة السودانية سيكتبون فصلا كاملا عن المك عجيب الهادي الذي دق ناقوس الخطر واذاب امبراطورية الجليد لمليشا الدعم السريع المتمردة..

وبوفاته فقدت البلاد رمزا من رموزها وزعيما من زعمائها وقائدا من قياداتها وحكيما من حكمائها

نعم فقدت البلاد رجلا عظيما كرس حياته لخدمة أمته واهله وشعبه

حتي غادر الفانية فقيرا لا يجد حق العلاج غير أنه ترك سجلا عظيا حافلا بالمناقب والانجازات والبطولات الوطنية.

موقف رفض المك عجيب المساوة والبيع والشراء فيه ولسان حاله يقول لال دقلوا قبح الله وجوهكم فموقفنا لا يباع (بدولار ودرهم).

ولا غرو أن قلنا معذرة يا مك عجيب فنحن اخوانك نجد انفسنا مقصرين ،وحكومة السودان ايضا مقصرة اما سفارة جمهورية السودان بالقاهرة فهي ام المقصرين وسنعود إليهم في مقال منفصل..!

فالمك عجيب كان يستحق الأكثر والأكثر

لانه حياته وأعماله أصبحت ظاهرة للعيان ناطقة بالبيان وكل من رثاه في المقابر وبرقيات التعازي تحدث عنه تفصيلا وإجمالاً بمحاسن الأخلاق وكرم الخصال وبطولات جهابذة الرجال وهذه نعمة من الله كرامة لعبده عجيب لتكون ذكراه ومناقبه حسنا بعد مماته وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه بذلك قال تعالي..!

(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

أي اجعل لي ثناء صدق مستمر إلى آخر الدهر، وهذا ما وجده الراحل المقيم في وجداننا وقلوبنا المك عجيب في حياته وبعد مماته وهو دليل على حب الله له لصدقه واخلاصه وحسن نيته وستفتقده المجتمع بل السودان للشوكة والاعتصام في هذا الوقت العصيب من تاريخ بلادنا وهي تتعرض لاسواء المؤامرات والمكائد الدولية..

نسأل الله العلي القدير أن يغفر لأخانا المك عجيب الهادي ويرحمه رحمة واسعة ويسكنه اعلي فراديس الجنان ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويلهم أبنائه وأسرته ومعارفه الصبر الجميل في مصابهم الأليم

ونشهد لأبنائه صبرهم وجلدهم وهم يتحملون هذه الابتلاءات كالجبال الراسيات.

وفي الختام اناشد القائد العام للقوات المسلحة سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة أن يجد أبناء المك عجيب الرعاية من سيادتكم وتقديم كافة الوسائل والاحتياجات التي تعينهم في حياتهم

وان تخلد سيرة الشهيد المك عجيب الهادي في المتحف الحربي وان تحمل احدي شوارع الخرطوم إسمه فهو الشهيد الأول الذي قدم نفسه لهذا التراب في معركة الكرامة الوطنية لتذكره الأجيال جيلا بعد جيل ..

والشكر موصول للجالية السودان بالقاهرة علي الصورة الرائعة التي رسموها لدي تشيع الراحل المقيم

(إنا لله وإنا إليه راجعون) وإنا لفراقك يا مك عجيب لمحزونون..