*2/ فجر التضامن*
ذكرت في مقالي السابق، ما ملخصه إن المؤامرة التي انفجرت في ١٥/ أبريل، كانت تحاك منذ أربع سنوات مضت، وأهم عنصراً فيها، هو التضييق على الجيش وخلق هوة بينه والشعب، وقنن الأمر بتحالف خفي بين الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير بعد قرارات ٢٥/ أكتوبر/ ٢٠٢١م.
كانت الحاضنة السياسية الجديدة، تحشد المتظاهرين في الشوارع لمطالبة الجيش بالعودة إلى الثكنات، وبالطبع إخلاء الساحة للجيش الجديد “الدعم السريع”، كان يسدد فاتورة تمويل التظاهرات عبد الرحيم دقلو، بينما يحصد قناصة قواته الخاصة أرواح الشباب، وتصاحب عمليات قنص الثوار بروباغاندا عبر الآلة الإعلامية التي تعمل الآن لصالح التمرد.
وفي مرحلة أخرى، بدأ عنصر جديد في المؤامرة التي تهدف إلى إضعاف الجيش ومن ثم عزله عن شعبه، وهو عملية “شد الأطراف” عبر تأجيج النزاعات القبلية الموجودة أصلاً ببعض أقاليم السودان، تم إشعال الحرائق بإقليم دارفور، نتذكر جميعنا أحداث (بليل بجنوب دارفور)، الهجوم على معسكرات النازحين في الجنينة وأحداث ” كرينك “، وبعدها انتقال الحرائق إلى شرق السودان، أحداث “النوبة “و”البني عامر” ، وبعدها اندلاع الحريق في إقليم النيل الأزرق، عندما حرض المك “ابوشوتال” زعماء العشائر على قومية الهوسا، وهو الآن أحد القادة البارزين للتمرد.
كل تلك المؤامرات أفضت إلى نتائج غير متوقعة؛ بعد تسعة أشهر من اندلاع الحريق الأكبر، الدعم السريع وحلفاءه وجدوا أنفسهم في مواجهة الشعب، بينما كسبت القوات المسلحة جماهيرية وتأييداً واسعاً في مناطق كان سكانها ضحايا خطاب الكراهية ضد الجيش.
بالأمس خرجت فصائل جبال النوبة المسلحة وقاتلت في خندق واحد مع القوات المسلحة لدحر هجوم التمرد المدعوم إماراتياً، وأجبر شعب الجبال الحركة الشعبية بقيادة “الحلو” لتغيير موقفها ، عندما حاول “الحلو” استغلال الفرصة وتوسيع رقعة سيطرته جغرافياً.
قبل اسابيع ، هاتف الأمين العام للحركة الشعبية “عمار آمون”، المتمرد “جوزيف تُكة ” وهو يقود فصيلاً يتبع لقيادة الحلو بإقليم النيل الأزرق، وحاول “عمار” الضغط على ” تُكة ” لتغيير موقفه والقتال بجانب الجيش، معللاً لذلك بأن شعب الجبال اختار صف القوات المسلحة وأصبح لزام على الحركة الشعبية الانحياز لرغبة جماهيرها، ولكن تدخل النظام الإثيوبي ومارس ضغوطا على “جوزيف تُكة “، وتم تهديده وابتزازه بقطع الإمداد الإماراتي الذي يصل إليه عبر إثيوبيا.
مجمل ما سبق يؤكد ان القوات المسلحة كسبت الجولة الثانية في الحرب؛ بعد تدمير الترسانة القتالية للتمرد، ومصادرة أموال “آل دقلو”، صرعهم الجيش في حلبة الصراع حول الجماهير، فلم يعد أمام مليشيا “آل دقلو” وجموع شغيلتهم من السياسيين سوى الاستثمار في معاناة الشعب، وذلك عبر عدد من الوسائل، إما استعمالها كأداة تسويق، أو الاستنهاض بها من فشل المؤامرة ، أو تحويلها إلى خطاب هو دعاية للذات، لا انتصار لقضية.
محبتي واحترامي