
*————–
الحرب التي أوقدت نارها ميليشيا الدعم السريع الإرهابية بمحاولتها اليائسة الفاشلة للاستيلاء على السلطة صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023، هذه الحرب التي ما تزال جذوتها متقدة أظهرت معادن الرجال، خاصة رجال الدولة من المسؤولين التنفيذيين وولاة الولايات خاصة في المناطق التي دارت فيها المعارك ما بين القوات المسلحة والقوات المساندة لها بكافة تشكيلاتها ومسمياتها من جهة، وميليشيا الدعم السريع الإرهابية والقوات المساندة لها من المرتزقة الأجانب والمقاتلين المأجورين من جهة أخرى.
نماذج الثبات والشجاعة والجسارة والاستبسال وسط هؤلاء المسؤولين والتنفيذيين والولاة عديدة ولله الحمد سارت بأخبارهم ومواقفهم البطولية الركبان وتحدثت المجالس بمواقفهم المشرفة ستسجل في كتاب التاريخ بأحرف من نور وستظل محل فخر واعتزاز الشعب السوداني تتداولها الأجيال جيلاََ بعد جيل..
ومن هذه النماذج المشرفة و المشرقة، والي ولاية شمال دارفور الحافظ محمد بخيت، الذي حفظ عهده مع قيادة الدولة ومع أهل ولايته بمختلف مشاربهم الاجتماعية والسياسية وتنوعهم العرقي بلا تمييز، هذا العهد الذي صانه بموقفه المشهود طيلة فترة الحصار الظالم الغاشم الذي فرضته ميليشيا الدعم السريع الإرهابية على أهل الفاشر عاصمة الولاية والذي امتد زهاء العام ونصف العام، المصحوب بالقصف المدفعي وبهجمات المسيرات على المدينة وما حولها من معسكرات النازحين.
ظل والي شمال دارفور الحافظ محمد بخيت صامداََ مصابراََ ومرابطاََ في موقعه داخل المدينة، وكان مصدر قوة وإلهام في الصبر والجسارة والثبات لأهل الفاشر، وضرب مثلاً بثباته في الوفاء لأهل ولايته وتحمل المسؤولية تجاه رعاياه مشاركاََ لهم في محنتهم، متقاسماََ معهم كل ما نالهم من معاناة ومشقة ومسغبة لم يتميز عنهم في شيء، فأصابه ما أصابهم من العنت بسبب تشديد الميليشيا الإرهابية لحصارها على المدينة وما فرضوه على أهلها من الخوف والجوع ونقص الأموال والثمرات في حملة تجويع ممنهج ومتعمد ومقصود، حتى اضطر الناس إلى سد مسغبتهم وجوعهم بأكل أعلاف البهائم للبقاء أحياء، وكان الوالي مشاطراََ لهم يأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون في منحى يجسد تلاحماََ فريداََ في نوعه بين الحاكم ورعيته.
لم يشأ الخروج من الفاشر ويترك أهلها لمصيرهم بل آثر البقاء بإصرار وعزيمة لم تهتز ولم تتزحزح رغم مقتضيات التأمين والحماية لشخصه الاعتباري فهو رمز للسلطة وللقيادة والسيادة يتحتم توفير الحماية له والإبقاء عليه شامخاََ شاخصاََ مثل الراية التي يمثل سقوطها سقوطاََ للعزة والكرامة.
لكن ولأنه (كهل) أخلاقه مُثُل وملء ثيابه رجل يعج الحق في دمه ويزحم صدره الأمل، فقد صمد صمود الجبال الرواسي، لم يتحصن بحصن، بل كان وفي أوج المحنة والمعاناة يخرج متفقداََ أحوال الناس ويطمئن على أوضاعهم ويتابع بنفسه عمل التكايا ومراكز الإيواء والمعسكرات يخاطب المواطنين ويبث في نفوسهم الطمأنينة ويرفع من معنوياتهم غير آبه بمراصد الميليشيا الإرهابية وعيونها وجواسيسها داخل المدينة، وقائماََ بمهامه ومسؤولياته في ظروف غاية في الخطورة والدقة، حتى آخر لحظة قبيل اقتحام الميليشيا الإرهابية للمدينة والتي عاثوا فيها فساداََ وقتلاََ وتنكيلاََ بأهلها والذين كانوا في غاية الإنهاك والتعب والمرض بسبب الجوع وانعدام الغذاء، الذي أحالهم إلى هياكل تمشي منهكة.
حيا الله الوالي الحافظ محمد بخيت وكل من صبر وصابر ورابط من القيادات التنفيذية والأهلية والولاة والمسؤولين في المرافق الحيوية والخدمية الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والبسالة والجسارة والإيثار والتضحية والفداء.
لكل هؤلاء وأولئك نقول لهم : تعظيم سلام..






