
كعادتها دائماً درجت الملحقية الثقافية للمملكة العربية السعودية أن تقدم في كل أمر يعنيها تفوقاً تنافس به نفسها لتعزز من خلاله من القيم ما يليق بحجم بلاد الحرمين الشريفين ، و نجدها تلبس ما تقوم به ثوب من التميز المعهود عنها و المهنية الملموسة فيها ، و لهذا نجدها إذا أنجزت أمراً تألقت فيه ، فيظهر دائماً حصادها في أبهى حلة قبل و بعد إنطلاقه ، لتعبر به عن لمسات عرابها سعادة عبد الله بن قاسم الهاشمي الملحق الثقافي حيث يظهر ذلك واضحاً بصورة تضاهي سطوع الشمس في رابعة النهار .
تغمرنا السعادة حينما نجد خلف هذه الإنجازات في الصف الثاني شباب صغار في سنهم و لكنهم كانوا كبار في عطائهم ، و لهذا نعتبرهم ثروة بشرية حقيقية ، و قد انبروا إلى العطاء بكل تجرد لأن سلاحهم الوحيد هو إيمانهم الذي وقر في صدورهم و قد صدقه العمل ، و لهذا سمقت نجومهم فكانوا خير سفراء في تمثيل بلادهم لانهم بذلوا لتحقيق ذلك جهوداً عظيمة ، فلم تمنعهم مشغولياتهم من إحداث فرق كبير في حياتهم الإجتماعية التى عبروا بها إلى قلوب الناس الذين نالوا شرف التعرف عليهم عن قرب .
من بين هؤلاء الشباب الذين يصعب التميز بينهم ، و ذلك لأنهم يحملون نفس الصفات ، فقد برز من وسط هذه الكوكبة نجم السيد الأستاذ صالح بن حسن مجرشي مساعد الملحق الثقافي و هو ليس بأفضلهم و لكنه يشكل فصلا جديدا من من فصول بناء الذات و تجويد حسن الصفات مما مكنه من كسب الآخرين مودة و حباً على مستوى الزملاء من ناحية و علي مستوى العلاقات الإجتماعية مع أفراد المجتمع السوداني من الناحية الأخرى ، فكان نعم الشاب الخلوق الذي يعتبر قدوة حسنة للكثيرين من رصفائه ، و كما استطاع بمثابرته وجهده أن يشكل علامة فارقة بين البلدين الشقيقين في الربط على مستوى ملف العلاقات الثقافية ، و على الرغم من قصر فترته التي مرت كلمح البرق إلا أنها كانت مليئة بالإنجازات التي حملت الكثير من إفادات الوصل الرائع و الراقي ثقافياً و إجتماعياً .
الأستاذ صالح المجرشي يعتبر من أميز جسور المحبة ، و رمزاً سامقاً من رموز الأخاء النقي بين شعبي السودان والمملكة ، و هذا ما يؤكد حميمية و أزلية للعلاقات الثقافية و الإجتماعية الممتدة بين البلدين الشقيقين .
في ليلة وداع و تكريم هذا الشاب الخلوق الذي يؤكد لنا صدق مقولة “لكل امرئ من اسمه نصيب” ، و التي كانت إحتفالية مصغرة تشكلت من روعتها لوحة تلقائية رائعة عبرت عن نفسها بإمتزاج ألوانها الزاهية و التي كانت عبارة عن مزيج من الأفكار المتداخلة اللاشعورية النابعة من واقع الإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام لدى المحتفى به و ضيوفه المميزين ، و كان على رأسهم سعادة الأخ الأستاذ رأفت بن أحمد شرف نائب سفير خادم الحرمين الشريفين و سعادة الأخ خالد العتيبي نائب الملحق العسكري و الأخ الرائع الأستاذ عبد الله الشهري و الأخ الكريم إبراهيم الخليل الذي يعتبر من أهم أعمدة الدبلوماسية الشعبية السودانية و الإعلامي السامق الأستاذ مصعب محمود ، و لفيف من الأخوة الأحباء الذين تضيق بهم المساحات المكانية و تتسع لهم المساحات القلبية .
تداخلت الكلمات و هي تحمل شيئاً من مشاعر الحزن الذي يفرضه فراق الأخاء الذي يصنع آلاماً قاسيةً على القلوب و التي إبتدرها سعادة الملحق الثقافي الأخ عبدالله بن قاسم الهاشمي ثم تلاه سعادة الأخ رأفت بن أحمد شرف نائب السفير ، و قد كان محور حديث جميع الذين تحدثوا يثمنون على عطاء المحتفى به الذي أجزل فيه لوطنه الثاني السودان ، و الذي أدى مهمته على أكمل وجه .
صحيح تجمعنا الظروف و قد يفرقنا الزمان و لكن عزاءنا الوحيد الذي يواسينا هو أن هذا الرجل الخلوق سيغادرنا إلى بلاده و سيكون فيها سفيراً لبلاده الثانية السودان و هذا ما يشكل إضافة حقيقية له في الموقع الذي سيسند إليه في بلاد الحرمين .. فنقول له رافقتك السلامة و حفظك الله و رعاك و سدد خطاك يا صالح الصالح .