
☘️🌹☘️
*
في مشهد لا يمكن وصفه إلا بالعبثي ، ويعد ضرباً من ضروب الإنتحار السياسي ، خرج علينا ما يُسمى بـتحالف السودان التأسيسي ، أو ما يمكن تسميته بتحالف الانفصال والخراب ، حيث أعلن تشكيل حكومة وهمية في جغرافيا واقع افتراضي ، لا وجود لها على أرض السودان ، يرأسها محمد حسن التعايشي ، ويتوج على عرشها المأفون محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، ونائباً له عبد العزيز الحلو ، في محاولة بائسة من هذه الشرذمة لتقنين الجريمة ، وتجميل صورة الكارثة ، وبث الروح في دمية ميتة .
التعايشي الذي لم يقدم في تاريخه السياسي أي رصيد يمكن أن يُحسب له ، يعيد الآن مشهداً قديماً متجدداً ، متقمّصاً دور رئيس وزراء ، وكأنه يريد تدوير أمجاد جده النازي ، في إشارة إلى ما يحمله من سلوك قمعي بحق الوطن ، وهذا التعيين ليس إلا إهانة مباشرة للشعب السوداني ، الذي لم ينس بعد خيانة تلك الوجوه التي ساومت على العدالة والكرامة خلال الفترة الانتقالية السابقة .
أما المشهد الأكثر وقاحة هو تنصيب حميدتي رئيساً لما سمي بـالمجلس الرئاسي ، وخصوصاً أن هذا المجرم مطلوب لأي سوداني حياً أو ميتاً قبل أن يكون مطلوباً للعدالة بصفته مسؤولاً عن أبشع المجازر بحق المدنيين ، وكأن التاريخ لا يُكتب ما يدور ، وكأن الجرائم يمكن مسحها بتوقيع على ورقة صادرة في نيالا أو نيروبي .
وكأنما لا تكفيهم مغامرتهم اليائسة لفصل دارفور ، فأرادوا أن يبتلعوا العاصمة نفسها ، والشرق والشمال والوسط ، ويجعلوا من السودان بكامله رهينة حكومة فاقدة للشرعية ، وفاقدة للسيطرة ، وفاقدة لأبسط شروط الاحترام الشعبي .
هؤلاء لا يستطيعون دخول متجر أو مطعم في أي مكان في العالم به سوداني واحد دون أن يتواروا منه خشية المواجهة ، فهم يعلمون جيداً أن دماء الأبرياء تطاردهم ، وأن ذاكرة الوطن ليست مثقوبة كما يظنون ، ولا أحد في الداخل أو الخارج يعترف بهم إلا من باع ضميره في أسواق المساومة الإقليمية ، وهم يعلمون ذلك جيداً .
نحن لا نراهم حكومة ولا هم أنفسهم يرون ذلك ، ولا نعترف بهم كجسم سياسي ، لكننا نراقب بعيون يقظة وعقول باردة ، من هي الدول التي ستغامر بالاعتراف بهم ، لنعرف من يضع قدمه على ضفة الخراب ، ومن لا يزال يحترم سيادة السودان ووحدته ، هذه ليست مجرد حكومة وهمية ، ولكنها اختبار حقيقي لميزان القيم في السياسة الدولية .
الشعب السوداني رغم ما يمر به من ظروف قاسية لن يسمح بإعادة تدوير القتلة ، ولن يصمت أمام محاولات سرقة البلاد باسم التأسيس ، وهذا الوطن لا يُبنى بالسخافات ، ولا يحكم بأوهام السلاح كما يظن البعض ، ولا تُكتب دساتيره في فنادق نيروبي ، فلينتظروا ساعة الحساب ، والحساب ولد ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .