
أثارت كاتبة وإعلامية سودانية معروفة موجة من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد أن نشرت منشوراً وجهت فيه اتهامات مباشرة إلى السيد والي الولاية الشمالية ، ووصفت في منشورها وجوده في منصبه يمثل كارثة ووبال على الولاية ، وذهبت بعيداً في ادعاءاتها حول تهديد النسيج الاجتماعي وتبديد الثروات وغياب الرؤية التنموية ، ورغم أن هذه التصريحات جاءت من شخصية إعلامية معروفة بجرأتها ولهجتها الحادة ، إلا أن من الضروري التعامل مع مثل هذه الادعاءات بقدر كبير من الموضوعية والتمحيص ، وبعيداً عن التهويل أو الإثارة .
لا بد من التأكيد أولاً أن منصب الحاكم عموماً ، أو الوالي في المقام الأول هو منحة إلهية ومسؤولية إنسانية ، وهو قدر من أقدار الله التي يمنحها لمن يشاء وينزعها ممن يشاء ، كما ورد في قوله تعالى: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ) ، ومن هذا المنطلق فإن احترام المؤسسات والسلطات القائمة لا يعني بالضرورة عدم النقد ، ولكن يفترض أن يكون نقداً مسؤولاً و مبرراً ، مستنداً إلى الواقع لا إلى الانطباع أو الانفعال .
ما طرحته الكاتبة من اتهامات بشأن تهديد النسيج الاجتماعي وتبديد الثروات لا يستند إلى أي وقائع ملموسة على الأرض ، فمنذ تولي السيد والي الولاية الشمالية الفريق ركن عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم مهامه ، لم يصدر عنه أي قرار أو إجراء يمس منظومة القيم الاجتماعية ، أو يشكل خطراً على المكونات المجتمعية في الولاية ، وعلى العكس فإن الرجل إجتهد كثيراً في رتق النسيج الإجتماعي ، وحلحلة الإشكالات العالقة بين مكونات الولاية المجتمعية ، وقد شهدنا ذلك في محلية الدبة ، وهذا هو خير دليل على ذلك ، فلم تُسجل له حتى الآن أي شواهد حقيقية على وجود انقسامات مجتمعية أو اضطرابات ناتجة عن قراراته حسب الإدعاء ، ومن أهم أولويات الرجل هو التركيز الواضح في أدائه منذ اليوم الأول كان الملف الأمني ، فعمل على ضبط هذا الملف ، وتسيير دولاب العمل الإداري في ظل تحديات كبيرة تمر بها البلاد عموماً .
السيد والي الولاية الشمالية أعلن حالة الاستنفار في إطار حرصه على استقرار وأمن الولاية ، وهي خطوة تعكس وعياً بمخاطر المرحلة ومقتضياتها ، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية المتقلبة التي تمر بها مناطق عديدة في السودان ، فأن الملف الأمني دون غيره هو ما يحتل صدارة أولويات الوالي في هذه المرحلة ، في حين لم يتم حتى الآن الخوض في قضايا متعلقة بحقوق المجتمع أو إدارة الثروات ، كما زعمت الكاتبة .
من الجدير بالذكر أن السيد الوالي يمتلك رؤية شاملة لتطوير الولاية ، وهي رؤية ما تزال قيد الدراسة والتحليل من قبل الجهات المختصة ، وتستهدف إحداث تغيير حقيقي في واقع الخدمات والتنمية ، ولا يمكن بأي منطق الحكم على تجربة لم تبدأ بعد أو محاسبة مسؤول على نتائج لم تُمنح له فرصة التنفيذ بشأنها .
في هذا السياق لا بد من دعوة جميع الأطراف وخصوصاً الأصوات الإعلامية المؤثرة إلى تحري الدقة والموضوعية ، والتمييز بين النقد البناء والتجني غير المبرر ، فإن مسؤولية الكلمة لا تقل أهمية عن مسؤولية القرار ، وحفظ استقرار المجتمعات لا يكون بالتأليب أو إثارة الشكوك ، ولا بد من دعم كل جهد صادق يسعى إلى الحفاظ على الأمن وبناء تنمية حقيقية ، وهو ما نأمل أن يتحقق في الولاية الشمالية بإذن الله تعالى .
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل